قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتأحمد السكري
 
مأتمه .... قلبه
أحمد مهدي السكري - 2006/01/28 - [الزيارات : 8708]

مأتمه .... قلبه


لم اعرف العاشرة بعد, أذهب إلى مجلس الحاج خميس (رحمه الله) كلما سنحت ليً الفرصة و استعطت الإفلات من عين الرقيب ( أم عباس) . اجلس في الزاوية القريبة من الباب, يتيح لي هذا المكان فرصة مراقبة لغة الأجساد عند استراق السمع لكل متحدث.

كان خطيبي الذي اعشق هو الحاج عبد الرسول بن نوح, البصير الذي ينظر بعين الحقيقة , فيكشف -ببساطة- ما يدور في الحي . عندما يبعثني احد البالغين من أهل الحي لشراء الأكل من دكانه في نهار شهر رمضان, كان دائماً ما يكشف حقيقتهم و يرفض البيع قائلاً اعرف إنها لفلان , فقد عاد من العمل. فهو يعرف من ذهب إلى العمل ومن تغيب , قلب حاضر و أذن مبصرة.

يتحدث الحاج عبد الرسول بصوته الجهوري فيأخذُ عليٌ ملكاتي. فيكون هو أذني التي تسمع و عيني التي ترى و قلبي الذي يحاول ان ...... أتذكره في تلك الليلة , يصف حال الزهراء عندما اخبرها أبوها أن ابنها الحسين يذبح غريباً في ارض كربلاء, مبيناً مدى انكسار قلبها على وليدها عندما عرفت ان ليس هناك من يشيعه و يقيم المأتم , سوى عابري سبيل بني أسد.

وهنا يرتفع صوت الحاج حتى اخاله ينفذ عبر مسام جلدي مردداً قول الرسول " يبعث الله له شيعة يندبونه حتى قيام الساعة" و يضيف نحن إذاً وعد الرسول لابنته البتول.

تعودُ إليً هذه الحادثة قبل بداية كل موسم من مواسم عاشوراء الحسين , أراها تتمثل في همة حجي مهدي و لهفته و شوقه إلى قدوم هذا الهلال الأسود. أراها في أكياس الرز التي تتكدس في فناء البيت, في دفيف النساء التي تغطي البيت بالسواد كل مساء , يأتون لتنظيف الرز. أشمها في رائحة البصل التي تملأ كل ركن , حتى لا يستطيع احد منا البقاء. المسها في حرصه الشديد على الاعتناء بخادمات الحسين كما كان يسميهن. اسمعها في الفوضى التي يحدثها غسل المواعين, حيث يتحول الحوي إلى ورشة تضج بصوت المواعين تصطدم ببعضها مختلطاً مع أصوات النساء اللواتي يحرصن على التبرك بغسل صفاري الحسين, يسيل الماء مختلطاً بالزيت و الصابون فتنقله الأرجل إلى كل الأرجاء حاملةً معه الخير و ألبركه لأهل البيت كما كان يردد حجي مهدي دائماً:  " إن كل ما يتصل بالحسين بنية صافية و قلب مخلص يكون خيراً و بركة لصاحبه ".

 أرى عشق حجي مهدي للحسين متجلياً في أبعاد حياته كلها , ليس فقط في عاشوراء, ولكنه في عاشوراء يكون شفافاً ناصعاً حتى تكاد تنظر في قلبه, ما إن يطل الهلال حتى يتغير لونه وتراه ساهما. يتجلى عشقه في عينيه اللتان تفيض دموعاً كلما سمعت اسم الحسين, في نفسه  الكبيرة التي تحملت ضيم القريب و ظلم البعيد, في إنكسار قلبه عندما يمر به موكب العزاء ... فيقف شارد الذهن , مشتت الفكر.
يبدو واضحاً في صوت شجي يقرأ به الحديث , يحمل فيه أنين كل العشاق و ألآمهم.

 أما في صباح اليوم العاشر فهو لا يبتسم , لا يصافح أحدا, لا يشرب, و لا يتكلم إلا للضرورة.

يظهر حبه واضحاً في إحساسه الدائم بحضور الزهراء معه في كل عمل يقوم به مهما بدى تافهاً, فهو يرى أنها معه و هو يفتح المأتم , يغلقه, يطبخ , يجوب بالكشري كل مكان ليصل إلى محبي الحسين يجمع تبرعاتهم و يحصد دعوا تهم.

مأتم الشباب لم يكن يوماً مأتم حجي مهدي, فحجي مهدي يحمل مأتمه معه , مأتمه هو قلبه, قلبه الذي رفض ان ينبض عندما لم يستطع أن ُيفعِل حبه , توقف عن النبض في اليوم الذي أتم فيه الحجاج حجهم ولم يكن الحسين معهم,

 توقف وآثر ان يفد على سيدهِ الحسين.

يسائله في استحياء : سيدي أنا خادمكم , هل لي من شفاعة؟ سيدي هل وفيت ؟

يهم الحسين بالجواب ولكن تسبقه البتول , فهي من يستبقل عشاق حسينها:

نعم لقد وفيت يا حاج مهدي , لقد كنت حقاً ورقة خضراء في زيتونتنا المباركة, نميت و تناميت حتى ظللت على من كان قلبه مفعم بحبنا أهل البيت.

يقريًه الحسين و يقبل عليه,  أم تلحظ ان جنازتك كانت موكب عزاء حسيني , سارت في طريقه و تقدمتها أعلامه.
أنت حسيني , فهل تظن ان الحسين يتركك في مثل هذا اليوم.

آمن أنت يا مهدي من الفزع الأكبر و شفيعك جدي صاحب المقام.

 هلم إلينا.... هنا أصدقائك الذين سبقوك... هذا هو العمدة حجي إبراهيم , وهنا الثابتين على الولاء من آل ثابت , وهذا أخوك و نديمه ( يناديه دوما : دوود أخوي دوود) , وهنا رفيق دربك , ينتظرك ولهاً , مازال يتفقدك كل ليلة سبت , ينتظرك منذ سنة....

ارفع رأسك يا مهدي , ما بالك شاحب الوجه مصفر اللون , ألست راضياً مرضيا.
بلى سيدي و لكن لي عندك رجاء آخر؟

قل: ماذا يدور في خلدك؟

سيدي : أنا خادمك , وها قد اقبل علينا هلال المحرم , فهل تأذن لي ان أقيم مأتماً على مصابك الجلل , سيدي إن عينايَ توذيانني , لم تبكيا عليك منذ مدة و أخاف عليهما ان تقسيا...

حسناً سيدي لنبدأ إذن ....

وجهُ الصباح عليً ليلٌ مظلمُ .......... وربيع أيامي عليً محرمُ

احمد السكري
25-1-2006

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م