قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
جهلوا بثلاثة وسبعين وغمطوا حق قائدهم بثلاث وسبعين
الأستاذ كريم المحروس - 2005/07/04 - [الزيارات : 5616]

بسم الله الرحمن الرحيم

جهلوا بثلاثة وسبعين وغمطوا حق قائدهم بثلاث وسبعين 

وصمني صديق بصفة "الأيدلوجية" كعصبية دينية وميل إلى جهتي الطائفية والحزبية الحادتين ، وقال : "أنا معجب بمنهجك في التفكير ولكني أعيب فيك أيدلوجيتك الحادة في مسألتي الطائفية والحزبية" . وكنت قبلها حاضرا في احد مجالس محرم حيث فصل الخطيب في خطاب الفصل حول الفرق بين الأيدلوجية والدين ، فمال بالأيدلوجية إلى دائرة الغرب ، وخص المسلمين بالدين بمعزل عن الأيدلوجية.

ولأي إنسان الحق في استخدام أي لفظ اصطلاحي شاء وتركيبه على  المعنى المراد ، فلا أجد مشاحة في قولي الصديق والخطيب معا . فلكل واحد منهما حاجة في تعريف " الأيدلوجية" بمعناها الاصطلاحي. وأما عن طائفيتي فلا يمكن لأحد أن يصف الآخر بالطائفية إذا ما كان هذا الآخر من المدافعين عن طائفته أمام جهل الآخر بالطائفتين وبمصادر تشريعهما واصولهما وعلومهما وقيمهما وافكارهما ، وما إذا كان الآخر يبحث عن سبل الإبداع في العلاقات بين الطائفتين لا إتباع منهج النقد الحاد في مثل هذه العلاقات فالإبداع نفسه يحمل سبل النقد الصحيح، وما إذا كان المدافعون عن الطائفة الأخرى ممن يقدم رؤاه السياسية على المذهبية ، فهذا اللون من المدافعين هم ممن يتلون على شكل ألوان الطيف كافة ، فهو بعثي حزبي في يوم ، ومن أتباع الخلافة والسلف ومدافعا عنهما واتجاههما في يوم آخر .

وإما بالنسبة للحزبية ، فلم أشارك في جماعة دينية سياسية إلا لكونها تجعل من تشكيلها التنظيمي ووسائلها ووسائطها ومسمياتها تكتيكا مرحليا ليس مقدسا ،وقابلا للتحول في أية لحظة تبعا للمصلحة الدينية المقدمة. فقد لمست فيها ما لمست نقيضا له في آخرين حزبيين بحرانيين .

لا زلت أتذكر موقفين لأية الله السيد هادي المدرسي (اعزه الله) يحضران إلى ذهني كلما نظرت إلى وقائع السياسة في البحرين :

الأول : بعد هروبي إلى خارج البحرين في نفس يوم عقد جلسة المحاكمة وصدور الحكم ضدي ، وكنت لازلت أعاني صعوبة التكيف مع أجواء الهجرة المطلقة في ظل فرحة غمرتني جدا لما شاهدته من نشاط هائل تصدى لزعامته السيد المدرسي كان من بينها تأسيس الإذاعة العربية حدث وان جاء احدهم مُعْلما بأن عناصر من أطراف أخرى دخلت في مهمة الوشاية ضد الإدارة الرسالية الحالية في الإذاعة ، وإن هذه العناصر قد انقلبت ونحّت عناصر الإدارة الرسالية جانبا وشرعت في تأليف إدارتها الخاصة وبنفَس فكري وسياسي مغاير تماما .

وتوقعت في مثل هذا الموقف بأن السيد المدرسي سيتخذ إجراء مضادا ، فهو الشخص الذي كان يمتلك نفوذا وسلطة وقدرة واسعة جدا آنذاك ، ولكني رأيت فيه بسمة تقدم بها إلى الشخص المعْلم ثم أعقب البسمة بقوله بما معناه : " ليكن ذلك ، فالعالم ليس صغيرا ، ومادام الإنسان له عقل فالوسيلة الحضارية لن تعدم ، وإن تصدى غيرنا لمهمة سعينا لإخراجها على ارض الواقع وفي أحسن صورة وأبدعنا فيها ؛ فإننا سنتفرغ لمهام أخرى تنتظرنا ، ولو تفرغنا وغيرنا للمهمات والواجبات الضرورية التي ينتظرها عالمنا الإسلامي منا؛ لما كنا جميعا محيطين بها كافة.. فكم هو جميل ألا ترى نفسك وحيدا وغريبا تعمل في الساحة ، فالآخرون منا ونحن منهم مادام الجميع على الطريقة النقية والطاهرة ، طريقة أهل البيت(عليهم السلام) ومنهجهم"!. 

لا أظن أن زعيما يحمل مثل هذا القلب هو شخص حزبي في عمله ونشاطه الجهادي ، وهكذا أتباعه ومريديه ، ومن بينهم مجموعة الـ73 الذين سطروا للبحرين ملحمة تاريخية لو علمنا حقائقها ووقائعها بشكل علمي مجرد لجعلناهم مفخرة وتاجا على رأس كل مؤمن بحق الإنسان في العدل والحرية ، فكيف بنا إذا ما بحثنا في إخلاصهم لدينهم ودفاعهم دونه. فالمدافع عن الدين والمعير جمجمته لربه تعالى يختلف تماما عمن أعار جمجمته لديمقراطية أكلت دابة الأرض منسأتها.

الثاني : بعد مرور أربعة أعوام تقريبا على صدور الأحكام القاسية ضد إخواننا المجاهدين من مجموعة (الـثلاثة والسبعين) - وهم الصفوة الخيرة التي نهضت بالحركة الإسلامية في البحرين وأخرجتها على جمودها وجهلها وعزلتها - خلت ساحة البحرين من العمل الديني للتيار الرسالي بشكله الظاهر لما كان للإرهاب الكبير من سيادة وعموم . وتفرغ الطرف الديني المنافس الآخر للعمل في الساحة بلا منافس ،ومد بعناصره إلى أكثر مناطق البحرين ، وركز جهود جبارة في العاصمة المنامة - محل نشاط التيار الرسالي ليكسب العاصمة إلى منهجه الفكري . عندها التقى احد المضطلعين في أوضاع البحرين المستجدة بآية الله السيد هادي المدرسي وهو يهم بالدخول إلى مكتبه . فسأله السيد المدرسي عن أوضاع البحرين . فرد بقوله : بأن الجماعة الأخرى أخذتها عريضة .. توسعت في أنشطتها مع ضمور واضح لأنشطتنا ، فلم يعد مكان لنا في البحرين إلا في مناطق وأحياء معدودة ، ولكن السجون كلها أصبحت ساحتنا اليوم بلا منافس .. عناصرنا الآن تتقابل وجها لوجه مع رجال النظام وعناصر مخابراته .. فهو الامتحان الكبير لنا وللأطراف الأخرى أيضا! .

فأجاب السيد المدرسي بما معناه : لتكن كل الساحة في البحرين لغيرنا ممن التزم بمنهج أهل البيت (عليهم السلام) ، فإذا غبنا غيبة فالإمام المنتظر (عليه السلام) له غيبتان .. فهم يؤدون وظيفتهم الدينية بطريقتهم مثلما نحن نؤدي وظيفتنا الدينية بطريقتنا ، فإن حلو محلنا أو حللنا محلهم فذلك ليس من الممنوعات في الشرع  .. المهم هو أداء الوظيفة الإلهية بأحسنها وأجودها ، فإن صدرت عنا أو عن غيرنا فتلك وظيفة جميلة نرجو بها رضا الله جل وعلا .

هذان موقفان كنت شاهدا عليهما وحاضرا بينهما وإن كانت ذاكرتي ضعيفة لازالت تطوي الكثير من المواقف وتحيل الكثير منها إلى مفاهيم مجردة عن مصاديقها ، كمثال لقول القائل بأن الثقافة هي ما يتبقى في الذهن بعد تجرد المعارف من مصاديقها ، وأني لأعجب ممن يتفوق فيحافظ على ذاكرته صلبة في بيئة اغتراب لا استقرار فيها وكلها نصب ونكد

 

وكنت بحثت في مسألتي العمل السياسي في الحركات المناضلة والعمل التعليمي في الحوزات الدينيةنبارك لحوزة السيد الوداعي ندوتها في هذا الموضوع الأساسي في مشاكل البحرين  – فرجعت إلى المصاديق باعتبارها مادة البحث النظري ، فخلصت إلى نتيجة ربما تكون معروفة سلفا وترد إلى الأذهان مرارا وتكرارا ، هي : أن التقوى تحدد المصائر والخواتيم. مصداق لقوله تعالى :  {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ }الشعراء108، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }التغابن16 ، فالتقوى مفتاح كل خير إذا ما حلت مفهوما ومادة ونظاما، وإذا ما حل نقيض التقوى أو ما هو اقرب من ذلك ففيه مغلاق كل خير وان أعجبتنا كثرة نتاجها المعنوي والمادي.

إن معيار الربح والخسارة لا يقاس بعدد الجمعيات والحسينيات والمحافل الإعلامية والسياسية ومحاور"الكاريزما" التي تسبح بحمد زعيمها أو رائدها بعالم من التجمع والتجمهر الألفي . ولا يقاس بحجم منهج الشك والنقد المشاع في الآخرين تمهيدا لاتهامهم بالتخريب أو إحالة البلاد إلى مستنقع الاضطراب الأمني لتخلو الساحة من منافس..فهاهي بعض العناصر التي دعت إلى الديمقراطية بمسار نضالي طبلنا له ورقصنا وجعلنا منها أمثلة نموذجية ، قد مالت كل الميل واستبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير ، في مصداق لقوله تعالى:  {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

إن المقياس والمعيار هو التقوى وعمل الخير ، وبه لا فضل لأحد على احد . وهذه قاعدة وجدانية وعقلية مثلها الله سبحانه وتعالى أمامنا في أحسن الصور التاريخية بآياته العزيزة،وجعل الجنة مفازا للمتقين، فإن كنت صاحب قلب قادر على كسب الفرحة والغبطة إذا ما نافسك الآخرون في الله تعالى ، وأصبحت على استعداد تام لأن تهدي غيرك جهودك لتعير بها نفسك الحسنات في عفة وسداد فإنك من أهل التقوى والمغفرة.

لقد آمنت منذ لحظة انتمائي لهذا المنهج ، بأنني لست طائفيا ولا حزبيا ولا " أيدلوجيا". ولن تغرني الأحجام المنتفخة و"كارزمات " الآخرين بلا حق، ولا حتى هذه الانتصارات الموهومة في كسب جمعية أو هيئة أو جهة دينية في مقابل الآخرين .. كل ما يعينني على السكينة هو أن أجد بلدي بلد النظام ، والقانون ، والتوازن بلا علو فيه لسلطة على أخرى  وفي ذلك سواء بين المؤسسات الرسمية أو الشعبية  ، وبلد المؤسسات المدنية التي تؤدي وظيفة حضارية على أحسن وجه، لا مؤسسات الهيمنة والسطوة بجهالة تحت مسمى المرجعية الواحدة.

وان كنت مؤمنا بأن واقعنا الحالي يعيش ضياعا وجهلا كناتج طبيعي لفساد النظرية والممارسة السياسية التي سادت البحرين في أيام الانتفاضة وفي ما بعدها ؛ فذلك يدعوني وغيري إلى أداء الوظيفة الواجبة ما استطعنا في إطار من النص الكريم تحت ظل مرجعية ترفع من تقواها درجة كلما ازدادت التحديات وحل جهل الآخرين محل وعيهم وسدادهم.

كريم المحروس

2/7/2005م

 

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م