كم يحز في نفسي ويألمني أن أغادر سكنا حفظ ذكرياتي ومكانا ترعرعت فيه أمنا مطمئنا ... ترعاني العيون والأفئدة أرض في كل شبر منها ذكريات الطفولة وعذوبتها. وأناس عشتهم أهلا وسندا في السراء والضراء وبرغم العتمة والمنافي والإبعاد ... كنت متعلقا بل عاشقا إن جاز لي التعبير لكل زاوية ولكل منعطف بل كل حجر وساحل في هذه الأرض الطيبة بأهلها بنخوتهم وتعاضدهم وتآلفهم وشجاعتهم. بأفراحهم المميزة ... بذكريات الرحيل للغربة من أجل الرزق كل هذه الذكريات تشدني وتشد كل من سكن النعيم وغادرها مكرها. ولكنني كلما عاودني الحنين ومررت بالشوارع والبيوت والأهل الذين عشقت المقام بهم ولهم انتابني شيء من الحزن والألم. فلم يعد الحال كما الحال ... ولم يعد هذا الحي الواعد الوادع ولم تعد الطرقات هي الطرقات ... ولم تعد البيوت هي البيوت ... ولم يعد السكان هم السكان. فسبحان مغير الأحوال أترى هل نسكت على هذا الحال ونحن نرى محافل الأجانب تملأ طرقاتنا وتزاحمنا ليس في رزقنا بل في سكننا ونرى الكراجات تغزو هذا الحي (المخصص للسكن فقط) ويتحول نسبة ساكن العاصمة المنامة إلى 70% من الأجانب وعاصمة لا يأمها أهلها إلا في المناسبات. إن نظره على واقع الحال في حي النعيم تدق ناقوس الخطر ... فتكدس العزاب من كل الجنسيات في هذه الغرف الضيقة بما يحملونه من أمراض اجتماعيه وصحية والسماح لهم للسكن في الأحياء ... جعل الناس لا تأمن في مسكنها ولا على أطفالها اللذين كانت العيون والأفئدة ترعاهم. وكم كانت حكومة الكويت حريصة على مواطنيها بأن أصدرت تشريعا يمنع سكن الأجانب وبالذات العزاب منهم في أحياء المواطنين. فكيف يسمح لهم هنا بتهديد أمننا الاجتماعي. ومحق ذكرياتنا التي لا يمكن محوها. بل وتلويث البيئة ونشر الأمراض. فأين المجلس البلدي من هذه الوضعية الشاذة والتي لا توجد إلا في هذا البلد ... الذي يقتل مواطنيه واحدا وحد.
ابراهيم السيدعلي كمال الدين
|