أمنية رصدتها "الوسط" أثناء تبادل أطراف الحديث مع السيدالغريفي والذي تنشر "الوسط" اليوم الجزء الثاني منه، إذ ركز هذا الجزء على موقف العلماء من المجلس الإسلامي الأعلى، وأين كان "الحوار" بين سجال المعارضين، والمؤيدين لهذا المشروع؟ كما شمل هذا الجزء موقف العلماء من كادر الأئمة والمؤذنين الذي أقرته الحكومة أخيرا، وهل من فرصة لإعادة النظر في موقف العلماء من ذلك الكادر؟ شمل أيضا هذا الجزء من اللقاء الشامل مع الغريفي ملف الخمس الذي تعتمد عليه الحوزات العلمية اعتمادا كليا، وكيف يتم التعامل مع هذه المبالغ من حيث الوارد والصادر؟ وكان الغريفي طالب في الجزء الأول في اللقاء والذي نشرته "الوسط" أمس بإصلاح القضاء، مؤكدا ضرورة "إيجاد آلية صحيحة لاختيار الكادر القضائي، وألا يبقى هذا الاختيار مرهونا للمحسوبيات والرغبات الرسمية"، نافيا في الوقت نفسه وجود أية حساسية في التعامل مع المؤسسة الرسمية. وقال: "إن الانتماء إلى المواقع والمشروعات الرسمية أمر خاضع للمعايير الشرعية، وللحيثيات الموضوعية، فمتى توافرت هذه المعايير والحيثيات في اتجاه الانتماء، فلا نجد أية مشكلة في التصدي لهذا الموقع أو ذاك الموقع". كما أكد ضرورة أن يكون للعلماء "دور حقيقي" في الإشراف الفقهي على الأوقاف، مشيرا إلى أن "ذلك لا يتنافى مع حق السلطة في الرقابة"، كاشفا عن أن العلماء لديهم مشروع لإدارة شئون الأوقاف أبرز ملامحه "أن يتولى العلماء الإشراف الفقهي، وأن تتشكل إدارة ذات كفاءة عالية جدا" تاركا "تفاصيل المشروع إلى وقت آخر". وهذا نص الجزء الثاني من اللقاء والذي تحدث فيه الغريفي عن المجلس الإسلامي الأعلى والخمس. موقفكم من المجلس الإسلامي الأعلى واضح، ولكن هل يمكن لحوار أن يولد بشأن هذا الملف بينكم وبين القائمين على المجلس من أجل الوصول إلى صيغة توافقية لا تصطدم بوجهة النظر الشرعية؟ - نحن على استعداد أن نلتقي وزير الشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد للتشاور والتباحث بشأن هذا الموضوع ومن أجل إيضاح وجهة نظرنا التي تعتمد رؤية فقهية صريحة لا تسمح لنا بالتعاطي مع المجلس الإسلامي الأعلى وفق صيغته القائمة فعلا، بحسب ما جاء في نظامه الداخلي. وإذا أعيد صوغ المجلس بطريقة لا تضعنا أمام الإشكال الشرعي، فالموقف لاشك سيختلف، وهذا لا يعني بالضرورة أن نقبل بالمشاركة ولكن لن يكون لنا موقف رافض. يقال إن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عرض عليكم الحوار في البنود المختلف عليها بشأن "المجلس الأعلى" ولكنكم لم تستجيبوا لهذا الطلب؟ كيف تعلقون؟ - كان لنا لقاء مع الشيخ عبدالله بن خالد في موضوع آخر، وجرى الحديث - عرضا - عن المجلس الإسلامي الأعلى، فأكدنا تحفظنا وموقفنا، فطلب منا سعادته أن يكون لنا لقاء آخر لكي يستمع إلى وجهة نظرنا بشأن هذا الموضوع، فوافقنا على ذلك، وكنا ننتظر تحديدا موعد اللقاء، ولم يحصل ذلك، ومازلنا على استعداد لهذا اللقاء شريطة ألا يكون تحت مظلة المجلس الإسلامي الأعلى. هل الفتاوى التي تحرم التعامل مع المجلس الأعلى الإسلامي محل إجماع بين الفقهاء؟ وماذا تقولون في التعامل مع المجلس على أساس فتاوى مراجع لا يرون إشكالا في التعامل معه؟ - الفتاوى لأبرز الفقهاء في مرحلة تأسيس المجلس الإسلامي الأعلى كانت تؤكد حرمة التعامل، استنادا إلى اطلاع مباشر على النظام الداخلي للمجلس، وليس استنادا فقط إلى صوغ الأسئلة المقدمة إلى الفقهاء والتي قد تفرض شكل الإجابة، علما بأن الذين تقدموا بالأسئلة نخبة ممن يوثق بدينهم ووعيهم وبصيرتهم، وقدرتهم على تشخيص الواقع الموضوعي في كل نتائجه وآثاره. وأما لو قدر وجود فتاوى أخرى، فلا نجد أنها ملزومة لنا وفق قناعتنا الفقهية، ثم ان تلك الفتاوى ربما اعتمدت تشخيصا موضوعيا يحتاج إلى إعادة نظر، وأطلعنا فعلا على صوغ الأسئلة المطروحة على بعض الفقهاء، فلم تكن تنقل الصورة كاملة، ما أنتج إجابات بحسب المطروح في صوغ الأسئلة. رفضتم بقوة انضمام طلبة العلم وقيمي المساجد لكادر الأئمة والمؤذنين الذي وافق عليه مجلس الوزراء أخيرا، ويبدو أن الدولة سترصد أربعة ملايين دينار لتطبيق هذا الكادر، ألا تقترحون على الحكومة طريقة أخرى لصرف هذه المبالغ وتوزيعها على طلبة العلم وقيمي المساجد بما يتناسب مع وجهة النظر الشرعية التي تتبنونها بدلا من الاكتفاء بمقاطعتها؟ وخصوصا أن الكثير من طلبة العلم يحتاجون إلى دعم مالي؟ - الرفض كان يعتمد على قراءة موضوعية واضحة للنتائج الخطيرة جدا المترتبة على هذا القرار الذي يضع المؤسسة الدينية في أبرز مفاصلها - المساجد/العلماء - تحت هيمنة المؤسسة الرسمية، وأوضحنا في بياناتنا وفي خطاباتنا الآثار السلبية الكبيرة لانضمام أئمة الجمعة والجماعة لكادر التوظيف الرسمي، صحيح أن هذا الأمر سينعش الوضع المعيشي لطلاب العلوم الدينية ولكن على حساب استقلالية الخطاب الديني وهو ما لا يسمح التفريط به مهما كانت المبررات، ومهما كانت الظروف الضاغطة على أوضاع العلماء والطلاب... وهل يبرر لنا أن نتهاون في مواجهة مشروعات خطيرة على هذا المستوى كونها ستفرض عاجلا أو آجلا، المسألة في المواقف المبدئية ليست خاضعة لهذه الهواجس التي تسهم في خلق أرضية لتلك المشروعات مهما كان أصحاب هذه الهواجس صادقين ومخلصين، فالرفض يجب أن يبقى وأن يستمر لكل ما هو خطأ، حتى لو أصبح واقعا مفروضا، مادمنا نؤمن بقيم ومبادئ وثوابت شرعية. هل يمكن لـ "الخمس" أن يحل محل امتيازات كادر الأئمة والمؤذنين؟ وما هو متوسط دخل طالب العلم في البحرين؟ - الخمس له دوره الكبير جدا في دعم المؤسسة الدينية الشيعية، الأمر الذي وفر لهذه المؤسسة القدرة على الاستقلال وعدم الخضوع للهيمنة الرسمية، وهذا ما يميز المؤسسة الشيعية التي حافظت عبر تاريخها الطويل على هذا الاستقلال المالي، ولا يعني هذا الاستقلال مفاصلة مع الواقع الرسمي، فالشيعة كانوا ومازالوا يتواصلون مع المؤسسات الرسمية التي تحترم وجودهم، وتحترم حقوقهم، وعاشوا مواطنين صالحين، مخلصين لأوطانهم، صادقين في الحفاظ على أمن واستقرار بلدانهم. وأما كون الخمس، هل هو قادر أن يرقى بالمستوى المعيشي للعلماء ولطلاب العلوم الدينية والذي يعتبر منخفضا جدا في هذا البلد، فمسألة مرتبطة بالكفاءة المالية لهذا المصدر فيما يرتفع مستوى هذه الكفاءة، وحينما توضع خطة ناجحة للتعاطي مع أموال الخمس وحينما يتوافر التوظيف الجاد لقدرات العلماء والطلاب، فمن الممكن أن يرتقي هذا المستوى. وهذا الأمر أحد أولويات المجلس العلمائي، وباشر فعلا في صوغ مشروع هادف إلى استثمار الكفاءات العلمائية والطلابية وإلى الارتفاع بمستوى أوضاعهم المعيشية... ونأمل أن يحظى هذا المشروع بالنجاح والتوفيق بإذن الله تعالى وتسديده. لماذا لا تعرض على الناس موازنات الخمس في البحرين أو حتى تقارير تبين الواردات والصادرات، أو جدولة توضح موارد صرف الأخماس والمشروعات التي قامت على هذا المورد المهم؟ - العلماء المعروفون القائمون على شئون الخمس في هذا البلد هم محل ثقة الناس واطمئنانهم وقناعاتهم، وهذا لا يمنع من عرض الموازنات المالية للخمس فيما هو مقدار الوارد ومقدار الصادر وفيما هي مجالات وعناوين الصرف. هذا الأمر ميسور وليس فيه أية صعوبة مادامت الموارد وجهات الصرف واضحة ليس عليها غبار. نعم عرض الأسماء - الدافعين والمستفيدين - أمر لا مبرر له. وأبرز العناوين التي تصرف فيها الحقوق الشرعية: الحوزات والعلماء والطلاب، البرامج الدينية والثقافية الخدمات الاجتماعية الهادفة، المساعدات وإعانة الفقراء والمحتاجين، كل المجالات التي تخدم الدين وتخدم المؤمنين. في بلد مثل البحرين تعرفون وضعه المالي هل تنصحون بتصدير الخمس منها إلى دول أخرى أو حتى تصديرها للفقهاء من خلال وكلائهم؟ - الفقهاء الكرام يتفهمون ظروف وحاجات المناطق، وبإمكان وكلاء المرجعية وفق إجازاتهم المطلقة أو بعد الاستئذان أن يوظفوا أموال الخمس في داخل البلد وهذا ما يحدث في الغالب على رغم أن الحوزات الدينية الرئيسية في حاجة إلى رفد دائم، ودعم مستمر. كيف تقيمون الوضع المالي للحوزات الدينية في البحرين هل هو ممتاز، جيد، متوسط، ضعيف؟ - حوزاتنا تعيش وضعا ماليا قلقا، ولكن ليس إلى درجة تشكل تهديدا لبقائها واستمرارها. وأما العلماء والطلاب فيتفاوتون في مستويات الدخل المالي، وهذا خاضع إلى درجة الحضور في الساحة، ومستوى العطاء، وحجم الثقة لدى الجمهور، وطرحنا في وقت من الأوقات مشروع صندوق الخمس لمعالجة الوضع المعيشي للطلاب والعلماء، ولم يتحرك المشروع ومازلنا نحمل هذا الهم، ونأمل أن يمارس المجلس العلمائي دورا فاعلا في هذا الاتجاه للنهوض بأوضاع العلماء والطلاب. لماذا لا نرى مشروعات في البحرين يمولها "الخمس" شبيهة بتلك التي أسسها المرجع محمد حسين فضل الله في لبنان؟ أو حتى مشروعات زواج مثلا أو بناء مؤسسات صغيرة؟ - إننا نبارك هذا التوجه، ونتمنى أن يكون للخمس حضوره الواضح على مستوى المشروعات متى توافرت الرؤية الفقهية الداعمة لذلك... والمسألة في حاجة إلى دراسة فقهية وموضوعية، وفي حاجة إلى تعاون علمائي في هذا المجال من أجل تطوير أداء الخمس ودوره الفاعل في الواقع الروحي والثقافي والاجتماعي... وفي تطوير وسائل التنمية لهذا المورد المهم جدا. كيف تقيمون العلاقة بين علماء الدين في البحرين سواء العلاقة الشيعية - الشيعية، أو الشيعية - السنية؟ - العلاقة بين علماء الدين في حدودها الفردية والشخصية جيدة على مستوى الساحة الشيعية، وأما على مستوى العلاقة الشيعية - السنية فليس هناك قطيعة، لكن العلاقة في حاجة إلى تطوير، وهذا ما سيمارسه المجلس العلمائي من خلال لجنة التقريب، وإذا تجاوزنا دائرة العلاقة الفردية الشخصية إلى دائرة العمل التبليغي والتربوي والثقافي والاجتماعي والسياسي، فالمستوى منخفض ولاسيما مع الاخوة من علماء السنة، هذا لا ينفي وجود محاولات تتحرك هنا أو هناك لإنتاج علاقات عمل غير أنها محاولات بطيئة، ويمكن لتجربة المجلس العلمائي أن تسهم مساهمة كبيرة في تنشيط العلاقات العلمائية الشيعية - الشيعية، والعلاقات العلمائية الشيعية - السنية، وهذا ما أكدته أهداف المجلس وخططه واستراتيجياته. يقال إن الصلة مقطوعة بينكم وبين بعض العلماء ممن يرون وجهة نظر مختلفة في كثير من الملفات، ما مدى صحة هذه الأقوال؟ - قلت لكم: إن العلاقات الفردية الشخصية قائمة حتى مع الذين نختلف معهم في وجهات النظر، وأما فيما يخص الملفات وقضايا الساحة فلنا لقاءات عادية أو طارئة مع الكثير من العلماء كما هو الشأن في ملف الأحوال الشخصية، وملف الأوقاف، وملف كادر أئمة الجمعة والجماعة وملفات أخرى إذا دعت الحاجة إلى هذه اللقاءات، وليس بالضرورة أن يصدر الاجتماع في تلك اللقاءات عن اتفاق كامل في الرأي. هل تلتقون بإخوانكم من علماء الطائفة السنية، وهل لديكم مشروعات مشتركة معهم وهل في الأفق مشروع وحدوي يمكن له أن يقرب بين الطائفتين الكريمتين أكثر فأكثر؟ - اللقاءات الشخصية قائمة أحيانا، وأما على مستوى وجود مشروع مشترك فلم نتوافر على ذلك حتى الآن. في وقت من الأوقات تحركت محاولة لخلق تنسيق في بعض الفعاليات الدينية كالمحاضرات والاحتفالات، وأنتجت هذه المحاولة مساهمات متبادلة ومازالت هذه المساهمات قائمة ولكنها في حاجة إلى تطوير وتفعيل أكثر، وهادفية أكبر، ونتمنى أن يأتي اليوم الذي يتحرك فيه المشروع العلمائي الكبير الذي يحمل هموم هذا البلد ويصوغ الخطاب الواحد في كل قضايا الساحة.
متفائلا بتفهم القيادة السياسية لأهداف المشروع... الغريفي "3": "المجلس العلمائي" لمساندة الإصلاح وليس للفوضى النعيم - عقيل ميرزا على رغم الإشكالات والتحديات الكثيرة التي ولدت مع ولادة مشروع المجلس الإسلامي العلمائي على الصعيدين الرسمي والأهلي فإن نائب رئيس المجلس السيدعبدالله الغريفي تعاطى مع تلك الإشكالات والتحديات بأعصاب باردة، ومفعمة بالتفاؤل الكبير بأن تذوب كل تلك الإشكالات قريبا، وتخف حدة تلك التحديات عاجلا مع نمو المجلس الذي لايزال وليدا، والذي يكتنف مستقبله شيئا من الغموض على رغم إصرار أقطابه بالمضي به قدما.
|
ومن بين الإشكالات التي ظهرت مع ظهور المجلس العلمائي إشكال متعلق بـ "الهاجس الأمني" وهل سيكون هذا المجلس مقادا للفوضى الأمنية؟ الأمر الذي نفاه الغريفي نفيا قاطعا مؤكدا عكس هذا الهاجس ومعتبرا المجلس "صمام أمان من التدهور الأمني" ومشددا على أن الحوار هو الطريقة التي سيعتمدها المجلس في كل شئونه التي أسس من أجلها. "الوسط" تنشر اليوم الجزء الثالث من اللقاء الشامل مع الغريفي وتخصص هذا الجزء لملف "المجلس الإسلامي العلمائي" إذ تفتح صندوقا مليئا بالإشكالات التي واجهت المشروع منها الإشكال الدستوري والقانوني، وإشكالات أخرى تتعلق بالوحدة الوطنية وإثارة النزعات الطائفية، وهذا نص الجزء الثالث من الحوار: أين وصلت أمور المجلس الإسلامي العلمائي؟ - مازال المجلس الإسلامي العلمائي هو خيارنا، وطموحنا الكبير الذي ظل يتحفز في النفوس زمنا طويلا وقد أصبح وجودا حاضرا على الأرض بفعل إرادات وهمم صادقة، فتحول الحلم إلى واقع وتحرك الطموح مشروعا ناهضا... ولاشك أن عملا كبيرا في حجم "المجلس العلمائي" لن تكون ولادته من دون مخاض صعب، وهكذا تزامنت هذه الولادة مع إرهاصات وتحديات وإشكالات انطلقت من موقع هنا أو موقع هناك. وكان رد الفعل من القائمين على هذا المشروع هادئا حكيما فكان الخطاب المتزن والموقف الواثق والإصرار على الاستمرار، ما دامت القناعات التي صاغت المشروع قد تشكلت من خلال رؤية إيمانية بصيرة، ومن خلال ضرورة موضوعية ناجزة، ومادمنا واثقين من سلامة المنطلقات وسلامة الأهداف، وسلامة الوسائل بما لا يسيء إلى الوحدة الوطنية في هذا البلد ولا يسيء إلى أمنه واستقراره، وإننا على ثقة تامة بأن السلطة السياسية ستتفهم هذا المشروع وتتفهم أهدافه. هل بادرتم بمحاورة المعارضين للمجلس من العلماء؟ وكيف ستوفقون بين وجهات النظر المختلفة بشأن المجلس العلمائي؟ - المجلس العلمائي وضع خطته الهادفة لتحريك الحوار مع الأخوة الذين عارضوا المشروع أو تحفظوا عليه، وشكلت لجنة خاصة لهذا الغرض، وبدأت لقاءاتها ومؤثراتها جيدة. البعض يقول إن المجلس عبارة عن لون أو طيف واحد، ولا يمثل مختلف التيارات، هل هناك جدية لجعل المجلس أكثر تمثيلا للتيارات الأخرى؟ - أنا لا أفهم هذا الكلام... وأولا: إننا لا نؤمن بنظرية تكريس الأطياف والعناوين التي تخلق حالة التشظي في داخل الساحة الشيعية، إن تعدد الرؤى وتعدد مرجعيات التقليد لا يعني تعدد الانتماءات والتوجهات والاطياف ما دامت المنطلقات والاهداف واحدة. ثانيا: المشروع لم يستثن أحدا ممن توافروا على شروط العضوية، إلا ما حدث نتيجة غفلة أو سهو أو خلل في الإجراءات العملية من دون أن يكون ذلك مقصودا، وسيتم تدارك هذا الأمر، فنأمل من اخوتنا العلماء أن يحسنوا الظن على القائمين على هذا المشروع. ثالثا: الشروط التي أكدها النظام الداخلي لعضوية المجلس لا يفهم منها إنتاج تشكيلة بلون واحد أو مرجعية واحدة، وما يبرهن على ذلك أن الذين وافقوا على الانضمام للمجلس هم ينتمون إلى مرجعيات تقليد متعددة، ويحملون وجهات نظر ورؤى متعددة، لكنهم أجمعوا على ضرورة هذا المشروع. رابعا: ليس كل من رفض الانتماء إلى المجلس هو معارض للمشروع، فهناك عدد من العلماء الأفاضل لم ينتسبوا إلى عضوية المجلس ولكنهم باركوه وأيدوه وبدوا استعدادهم للتعاون معه. خامسا: وأما الذين أبدوا تحفظاتهم على المشروع فسيحاول المجلس التواصل معهم لمعالجة هذه التحفظات. هل سيتدخل المجلس في الشئون السياسية أم سيعتمد في ذلك على العمل المؤسساتي الذي تتولاه الجمعيات السياسية؟ - مازال المجلس العلمائي في مرحلة ترتيب الملفات والأولويات، ولن نستعجل القول في هذه المسألة، وما يمكن أن نؤكده هنا أن المجلس له أهدافه الواضحة والمدونة والتي من خلالها يتحدد نمط التعاطي مع القضايا والملفات ولن تغيب هموم الناس ومصالحهم المشروعة عن اهتمامات المجلس ومسئولياته وخطاباته. يقال إن هناك أصواتا كانت تطالب بمشروع مجلس علمائي قبل أن تطرحوه، ويقال إن أعضاء في مجلسكم كانوا يرفضون الفكرة، فما الذي حصل الآن؟ - لم نرفض أي مشروع يحاول أن ينتظم الجهود العلمائية، ويوظف الطاقات والقدرات بطريقة أفضل، ولكن ما حدث أن بعض المحاولات التي انطلقت كانت محكومة سلفا بالفشل كون الأساليب التي اعتمدت تحمل كثيرا من الخلل، ولنا عليها ملاحظات وأوضحنا ذلك لبعض القائمين على تلك المحاولات، وهناك محاولة ضمت عددا كبيرا من العلماء وطلاب العلوم الدينية كانت تتحرك في الوقت الذي كنا نؤسس لمشروعنا، وتم لقاء مع الاخوة القائمين على تلك المحاولة وأبدوا استعدادهم لتجميد محاولتهم لصالح المشروع الذي تحركنا به، وفعلا انضم غالبيتهم إلى المجلس الاسلامي العلمائي، ثم إننا لا ننتظر أن مشروعا في هذا المستوى سيحظى بإجماع وتوافق كامل وهذه سنة الحياة، وسنة الحركة والعمل. أسس مجلسكم بطريقة استثنائية خالفتم فيه المعهود في تشكيل التجمعات... فلماذا؟ - كانت لدينا قناعة تامة بأن الأسلوب الذي اعتمدناه هو الأسلوب الأفضل والأنجح لمشروع على هذا المستوى. لقد اعتمدنا الخطوات الآتية: 1- تشكيل لجنة لوضع النظام الداخلي تضم نخبة من العلماء الأفاضل، وانجزت هذه اللجنة مسودة النظام الداخلي من خلال جلسات جادة ومكثفة. 2- تم وضع قائمة باسماء كل العلماء ممن يتوافرون على الشروط والتي عولجت بدقة وهذه الشروط هي: أ- أن يكون داخلا في مرحلة السطوح من الدراسات الحوزوية. ب- أن يمتلك الكفاءة العملية اللازمة لقيامه بالدور المطلوب منه في المجلس. ج- أن يكون حسن السمعة مع الثقة عرفا وعدم الفسق الظاهر شرعا. د- أن يكون مواطنا وألا يكون مقيما إقامة دائمة في الخارج. هـ- ألا يقل عمره عن خمس وعشرين سنة. 3- تم اللقاء مع الاخوة المدونة اسماؤهم على دفعات لإعطاء اللقاء فاعليته وإنتاجيته وجديته، ومن خلال هذه اللقاءات عرضت مسودة النظام واستمع إلى بعض الملاحظات، وتم تعديل بعض المواد. 4 - كل الذين اقتنعوا بالمشروع دونت اسماؤهم في عضوية المجلس العلمائي. 5 - عقدت الجلسة التأسيسية للجمعية العمومية وتم إقرار النظام الداخلي، وكذلك انتخاب الهيئة المركزية. وينص النظام الداخلي بأن الجمعية العمومية لها الحق في إعادة النظر في مواد النظام بعد سنة كاملة، ونعتقد أن إعطاء سنة ضرورة من أجل التأكد من جدية الانتماء ومن أجل اكتشاف نقاط الضعف على الأرض. ولكن اعتبرت وزارة الشئون الإسلامية المجلس العلمائي مخالفة دستورية وقانونية، أليس كذلك؟ - نلاحظ على ذلك: أولا: إذا كان الدستور والقانون يعتمدان الشريعة المقدسة مصدرا أسياسيا، فنحن في مشروعنا قد انطلقنا من هذا المصدر المقدس، فعملنا تعاون على البر والتقوى استجابة لنداء القرآن "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" "المائدة: 2"، وعملنا تأكيد لحضات الشريعة "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" "آل عمران: 104". فهذه الممارسة التي تنتظم عملنا والخاضعة للضوابط الشرعية مكفولة دستورا وقانونا. ثانيا: إن العرف القائم والذي تشكل عبر تاريخ طويل في إعطاء هذه الطائفة أو تلك الطائفة الحق في أن تمارس دورها في ترتيب شأنها الداخلي من دون حاجة إلى قرار رسمي، هذا العرف أصبح حالة صالحة لأن تقيد وتخصص اطلاقات وعمومات القانون ولا يصح أن نفسر القانون بعيدا عن هذا العرف المعترف به. ثالثا: إن الأديان والطوائف والمذاهب معترف بها في كل المواثيق الدولية، وهذا الاعتراف يعطيها الحق أن تمارس شعائرها، وأن تنظم أمورها الداخلية بما لا يضر بوحدة الوطن وأمنه واستقراره. رابعا: هل يصح لهذه الطائفة أو تلك الطائفة أن توكل أمر شئونها الخاصة الى غيرها سواء أكان هذا الغير جهازا رسميا أو غير رسمي. ظهرت أصوات تنادي بأن مجلسكم الجديد يساهم في تفتيت الوحدة الوطنية، كونه يمثل مذهبا واحدا كيف تعلقون؟ - نرفض هذا الاتهام: أولا: أهداف المجلس توحيدية "المحافظة على وحدة المجتمع وخدمته" وخطاب المجلس خطاب توحيدي، وآليات عمله آليات توحيدية "أقرأوا النظام الداخلي" لتكتشفوا الدور التوحيدي الكبير لهذا المجلس. ثانيا: كلما تلاحمت وتماسكت الوحدات الداخلية في هذا الوطن أو ذاك كان ذلك أدعى لإنجاح مسار الوحدة الوطنية مادامت هذه الوحدات محكومة لأهداف وخطابات ووسائل توحيدية. ثالثا: هل أن التشكلات الداخلية "العمال/ الأطباء/ الطلاب... إلخ" من خلال نقابات خاصة أو جمعيات خاصة تضر بالوحدة الوطنية؟ ما يضر بالوحدة الوطنية أن تتحول هذه التشكلات والتجمعات إلى وجودات متنافية ومتصارعة. وورد إشكال أيضا على مجلسكم بأنه يكرس المذهبية والطائفية فما هو تعليقكم؟ - هذه دعوة باطلة: أولا: القراءة في الأهداف والوسائل والخطاب تنتج قناعة واضحة بأن هذا المجلس لا يحمل نفسا طائفيا وإن تشكل في دائرة هذا المذهب. ثانيا: المجلس العلمائي محاولة لترتيب البيت الداخلي في مواجهة حالات الشتات والفوضى والتشظي ما يشكل خطوة جادة في طريق الوحدة الأشمل. إن وجود خطاب واحد لهذا المذهب أو ذاك أدعى للوحدة والتقارب، في حين يؤدي التشظي المذهبي ووجود ألف خطاب وخطاب إلى تعقيد حركة الحوار والتواصل والتقارب، وبرهن الواقع على صحة ذلك. فالتوحيد في الدائرة الأضيق يهيئ للتوحيد في الدائرة الأوسع بشرط أن تكون حركة التوحيد الأول في اتجاه حركة التوحيد الثانية. ثالثا: إننا ندعو بكل صدق وإخلاص إلى قيام مجلس علمائي أهلي في البحرين يضم علماء السنة والشيعة. وما ردكم على الإشكالات التي وردت أيضا من أن المجلس يثير الفوضى الأمنية؟ - ما يقال بأن المجلس العلمائي يثير الفوضى الأمنية قول لا صدقية له: 1- المجلس العلمائي صمام أمان من التدهور الأمني، وليس مقادا للفوضى الأمنية. 2- المجلس العلمائي أكد في خططه وآليات عمله على التواصل مع المؤسسات الرسمية والأهلية ما يحقق الأهداف الإسلامية والوطنية الصالحة المشتركة. فالمجلس العلمائي لا يتجه إلى خلق صراع مع السلطة وإنما يؤكد على الحوار والتواصل واعتماد الأساليب والوسائل الشرعية في عمله... فلا مبرر لإثارة المخاوف الأمنية... جاء في خطبة الجمعة لرئيس المجلس الإسلامي العلمائي سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم وهو يناقش الإشكالية الأمنية: نحن غير مستعدين لأن نكون شرطيا للحكومة، ولكننا في الوقت نفسه لا يمكن أن نكون أداة شغب في وجه الحكومة، فنحن قوة موازنة إذا اقتضى الأمر، وتطلبت المنعطفات الخطيرة، وإن كان منطلقنا الأول وهمنا الأول هو خدمة هذا الدين والمجتمع. | |