من الأمور التي بها يقاس تقدم البلدان هي ما يتمتعون به من قوانين تحقق لهم العدل والمساواة والحرية وبالتالي ينعكس الأداء على الأفراد اللذين يعيشون في هذه البلدان, فكلما تم تطبيق أسس النظام كلما تقدم الأفراد في إنتاجيتهم, بل سوف يفتخرون بنظامهم إذا وفر لهم سبل تحقيق أهدافهم التي يتطلعون إليها.
والعكس صحيح تماما كلما وجدت أنظمة تقر قوانين تحد من تقدم بلدانهم, ترى هذه الأنظمة تعيش حالة غير مستقرة بشكل مستمر بسبب فقدانها أسس النظام الصحيح, فتراها تعيش حالة صراع مع اللذين ينشدون العدل والمساواة والحرية من أجل إثبات قوانين الباطل. في الوقت الذي يصرح فيه جلالة الملك بصدق نواياه تجاه المشروع الإصلاحي الذي دشنه منذ وصوله إلى الحكم ونحن ربما لا نشك في ذلك لأن هناك بعض التحسن نلمسه ولاننكره, لكن يوما بعد يوم تتكشف لنا الأمور أكثر وأكثر عن من يقود هذا المشروع هل الملك أو الجهاز التنفيذي لأنه بدأت تصريحات وقوانين تظهر على الواجهة تقودنا إلى الشك في هذا المشروع وذلك من خلال حزمة القوانين التي تم إقرارها وبشكل سريع وملفت للمتابعين قبل إنشاء المجلس الوطني -الغير مرضي عن لحد الآن - قد خدمت هذه القوانين البعض وأفلت من المساءلة, وقوانين تصدر المجلس الموقر قيادتها ورفعها إلى الحكومة للموافقة عليه وإقرارها وما قانون الجمعيات السياسية إلا مثالا صارخ على ذلك.
استطاعت الحكومة أن تكون لاعبا ماهرا عن طريق أكثرية النواب الأفاضل وأن تقرر ماذا تريد وليس ملف الـتقاعد والتأمينات ببعيد.
إن إقرار قانون الجمعيات السياسة بهذه الصيغة التي تم طرحها معناه الحد من الحرية في العمل السياسي فلا ندوات ولا نشرات وعدم استخدام أماكن تعود أصحاب الحرية استخدامها لطرح آراءهم للجمهور المسلوب حقه وغيرها من الممنوعات إلا وفق هذا القانون في عهد المشروع الإصلاحي……!
إن طرح القانون في هذا الوقت ليس اعتباطا بل بالإمكان تأخير مناقشته وإقراره ولكن لعلم الجهاز التنفيذي بأن في الجلسات القادمة للحوار بين التحالف الرباعي وممثل الحكومة سوف يدرج تنظيم العمل السياسي في البلد من ضمن أجندة الحوار, فأرادت الحكومة أن تقطع الطريق على المعارضة لطرح هذا الموضوع فأقرت بالموافقة بصيغته المرفوعة وبشكل سريع لأنه يخدم مصالحها وليس مهم أن يخدم مصالح البلد وهكذا تستمر حالة المطالبة بالحقوق السياسية بدون الحصول على نتيجة.
عندما وافقت الحكومة على هذا القانون فهي تملك حجة قوية بالنسبة لها وهي إن هذا القانون تم طرحه من قبل مجلس النواب وهم ممثلون عن الشعب ونحن وافقنا على طلب ممثلين الشعب ويستمر سيناريو اللعبة المحكمة بإخراج ناجح لحد الآن, لماذا تتقدم كتلة المستقلين بهذا القانون رغم علمها أن كتلة الديمقراطيين لديها طرح قانون الأحزاب - ولا أدرى هل تم تقديمه أو لا – الذي هو أفضل ولكن الحكومة ضمنت لها ممثلين في المجلس بدون عناء ربما أفضل من مجلس الشورى أليس كذلك.
الغريب في الأمر إن من كانو يدعون الناس في السابق إلى عدم الاعتراف بمثل هذه القوانين التي تسلب الناس حريتهم نراهم اليوم هم من يتصدرون ويدعون إلى الاعتراف بقوانين ظالمة .
لو رجعنا قليلا إلى الوراء لرأينا أن النواب الذين وافقوا على هذا القانون وهم الأكثرية كلهم ذو ولاء حكومي ولا يملكون أي رصيد في العمل السياسي وليس لهم أي تاريخ نضالي يذكر في البلد, أناس لم يمار سوا السياسة فكيف ينظرون للعمل السياسي ويجتهدون بقوانين نحن نشك في الحقيقة أنها من أنتاجهم ولا نستغرب إصدار نوعية هذه القوانين.
كان من فوائد هذا القانون الإقرار والاعتراف بدستور 2002 وهذا من الأمور المهمة التي سعت ولازالت الحكومة تسعي لأخذ الاعتراف من الجميع به, فأي جمعية سوف تنتظم تحت القانون الجديد لابد لها أن تعترف بدستور المنحة وإلا تعتبر مخالفة للقانون, وهذه من ضمن الرسائل الموجهة للمعارضة.
لابد للمعارضة أن تفكر جديا في طبيعة هذه القوانين التي الغرض منها تكبيل العمل السياسي وربما منعه, فيجب أن يطرح البديل أو على الأقل إعادة التفكير في مساعدة المحسوبين على المعارضة في البرلمان ليكون الضغط من اتجاهين ربما يؤدي إلى نتيجة أو تأخير تنفيذ مثل هذه القوانين الجائرة. |