قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالات الأستاذ حسين المحروس
 
وليس التقبيلُ إلا للإنسان و الحَمام
حسين المحروس - 2005/05/17 - [الزيارات : 11660]

وليس التقبيلُ إلا للإنسان و الحَمام

 

ريبورتاج: حسين المحروس

 

 لم يكن المكان  بعيداً، حركة الطيور على رؤوس النخيل مغرية للغاية. سأخرج بدون هدف! الكاميرا ستحدد ما عليّ فعله لاحقاً.  هي التي ستذرع الطريق وكلَّ شيء فيه لا أنا. ستتحول أصبعي أداة إشارة مهمّة للغاية، قد تفوق العين! 

      

كنتُ ألتقط صوراً عشوائية: أكياس معلقة في نوافذ البيوت، مكينة خياطة تنكرت الثياب لها ! مرتبة سرير فيها سيرةُ الذي نام عليها: لحظاتُ عشقه وحزنه ومرضه وضجره واكتئابه وقلقه وخوفه ووجله وفرحه وليلة عرسه وليالي وحشته، واللقاء الأوّل، ورائحة عرقه ، وعطره وعطرها.. صور كثيرة يسفر لك الطريق بها كلّما مشيت ولا شيء منها غير مهم مادام فيها رائحة إنسان. وفي طير الحمام أحلى فعل في الإنسان، هو "التقبيل" فليس التقبيل إلا للإنسان والحَمام.

 

 كانت أعشاشه تدعوني للتصوير ، وأن تنال حظا وافرا من الكاميرا. بدأت بتلك التي يبنيها الحمام المطوّق في زوايا نوافذ البيوت. لقد تأكد لي أن هذا الحمام أكثر أنواع الحمام نفرة وكرهاً للأقفاص، وأكثرها وحشيةً وخوفا من الإنسان، وأنه لا يبني أعشاشه في النوافذ إلا في تلك المنازل الهادئة جداً جداً. ربما ليس مدحاً لأهل هذا البيت!  ماذا يعني أن يختار الحمام نافذة غرفة النوم يعشش ويفقس فيها؟! ألأنها باردة حتى في الصيف؟! أمّ أن أصوات الذين ينامون فيها مكتومة مثل حبّ بارد مكتوم!!

 

قيل إنّها لم تكن حمامة بل خادمة خلصتها الآلهة اليونانية ممّا هي فيه من الشقاء فَحوَّلتها إلى حمامة جميلة لتنعم بحريتها وبسيرة عشقها الممنوعة. يسمونها "Streptopelia decaocto" والاسم العربي "الحمام المطوق" أو حمام "ياكريم" كما يسمونه في الحيّ، أو "يا ثابته" أو "حمام بدي".  

في الحيّ يقولون أنّها تسبح الله وصوتها دعاء تقول فيه "ياكريم"، وأنّها لا تقول ذلك إلا إذا أَلِفتِ المحاجر في البيوت وتأنسنت! لا تقول ذلك حتى تُسجن!! تأنسن تُسجن!     لونه بني فاتح، ولون ظهره يشبه لون جلد الإنسان!! ومنه أبيض ناصع ويكون للإناث. في عنقه من الأعلى  طوق أسود، فسمي به. ولا  يميّز الذكر من الأنثى إلا  الخبراء، وتلك نعمة انعدام التمييز في جماعته وأسرابه! 

       

      لم يكن منتشراً قبل 30 عاماً في مملكة البحرين، ولم يكن محل اهتمام من باعة الحمام والطيور فسعره زهيد جداً وهو نوع واحد فقط! يتغذى على كلّ أنواع الحبوب، والديدان الصغيرة والفواكه والأغصان الغضة.                 

          اقتربت من عشّ واحدة لم تتحرك من مكانها ولم تفزع! ربّما لأنّها تعرف أن ثمّة زجاج يحول دون لمسها، أو صيدها. تحركت قليلا عن فرخين أزغبين حديثي التفقيس. فلّما بالغت في الاقتراب طارت إلى نخلة اتخذتها برجاً استراتيجياً تتطلع على كلّ من يقترب من عشّها. 

 

عُرف عن الحمام انّه لا يملّ التكاثر في العام كلّه! يشبه الإنسان!! وإن كانت ولادات الإنسان تكثر في الصيف! في مستشفى جد حفص للولادة قالت لي ممرضة :"الصيف موسمهم". لم أفهمها!! سألتها فضحكت! الذكر يجلب مواد البناء والأنثى تهندس العش وتبنيه! والنظر في أعشاش الحمام المطوق غير مغرٍ! ربّما لأنّ المهندسة أنثى؟!!  في نافذة أخرى وجدت عشاً به بيضة واحدة فقط! كيف؟ هذا الحمام يضع بيضتين يفقس بعد 14 يوما! ربما سقطت واحدة، وهذا يحدث كثيراً. وربما شربها غراب مولع ببيض الحمام كعادته القميئة!! يقلب الحمام بيضه حتى يأخذ كل جزء في البيضة نصيباً من حرارة ريش وجسم الحمامة.

 

         ترقد الأنثى على البيض ليلاً، والذكر صباحاً. وهي في الحمام كلّه. وللنساء سيرة السهر مع أطفالهن دون الرجال؟! وحين يفقسُ البيضُ تكون ساعات الإطعام أكثرها للذكر. هذا طبعه وفطرته منذ خُلق، لا تأخذ أنثاه دوره، وتترشح للبرلمان! يقول مثنى بن زهير:"لم أر شيئا قطّ في رجل وامرأة إلا وقد رأيت مثله في الذكر والأنثى من الحمام..."!! وربما انتظرت حمامة ذكرها يحضن البيض فتتصل بآخر! وتهيج مع ذكرها بعنف ساعة اللقاء فتنقره في كل مكان! "تتأنى الوليفةُ، تنشرُ ريش جناحيها، وذنبها ثمّ تسحبهما بلين على الأرض.. تتشكّل له.. تمكّنه وتمنعه، تجيبه وتصدف بوجهها، فيدخلهما الكبرياء.. يرتفع صدره فأسمع احتكاك ريش ذنبه بالأرض، ولا يملّ الضرب بجناحيه.. يتعاشقان.. يتداخلُ فماهما.. يتطاعمان.. يا الله وليست التقبيل –أيها البحراني- إلا للإنسان والحمام."

 

يعيش  الحمام المطوّق 14 سنة تقريباً ولا يتعدى طول جسمه 34 سم. ثمّة نوع آخر منه جسمه صغير، وريش الرأس يقترب من اللون الماروني به نقط سود متفرقة، والرأس صغير به منقار حاد. ربّما من الفصيلة ذاتها ممّا وقع عليه ظلم الصقور!! 

           

       بين شجرتي "أترج" متداخلتين كثيراً وجدت عشاً به فرخان غطى الريش جلدهما. كانا في صحة جيدة، يقظين، ونموهما نموذجي. كأنهما ينتظران أمهما. وعلى الرغم من اقتراب العشّ من الأرض إلا أن الوصول إليهما بالكاميرا فيه شيء من الصعوبة. فأغصان الأترج شديدة التداخل، بها شوك كثير وحاد جداً. ها هما ينظران إليّ مثل غريب. التقطتُ لهما صوراً عديدة فلم يحركا ساكناً. هل نحن في أستوديو قبيح، أمام مصور قبيح، يصور جلد الوجه لا الوجه؟!! موظف لا مصور!!           بعد أيام قلائل طارت الفراخ إلى أقرب شجرة، وخلت الأعشاش من الدفء، ولم يبق غير صور تنتظر سيرتها.

 

 

-ذكر الحمام المطوق.

 

-فرخا حمام مطوق حديثا التفقيس.

 

 

أين البيضة الثانية

 

الذكر يرقد على فرخي حمام خلف زجاج النافذة

 

 

على وشك الطيران في شجرة أترج

 

 

عش حمام مطوق في شجرة توت

 

سقطت من العش تنتظر الغراب

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م